کد مطلب:240916 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:111

ان الفاعل قبل المفعول
من كلمات مناظرة الرضا علیه السلام مع سلیمان المروزی فی الإرادة المدعی قدمها أبطلها علیه السلام رواها الصدوق، و لربط الكلمة و بیان المراد منها نذكر شیئا من المناظرة:

«قال سلیمان: إرادته منه - عزوجل - كما أن سمعه منه و بصره منه و علمه منه، قال الرضا علیه السلام: فإرادته نفسه؟! قال: لا، قال علیه السلام فلیس المرید مثل السمیع و البصیر، قال سلیمان: إنما أراد نفسه كما سمع نفسه و أبصر نفسه و علم نفسه، قال الرضا علیه السلام: ما معنی أراد نفسه: أراد أن یكون شیئا أو أراد أن یكون حیا أو سمیعا أو بصیرا أو قدیرا؟! قال: نعم، قال الرضا علیه السلام: أفبارادته كان ذلك؟! قال سلیمان: لا، قال الرضا علیه السلام: فلیس لقولك: أراد أن یكون حیا سمیعا بصیرا معنی إذا لم یكن ذلك بإرادته؟ قال سلیمان: بلی قد كان ذلك بإرادته، فضحك المأمون و من حوله وضحك الرضا علیه السلام، ثم قال لهم: ارفقوا بمتكلم خراسان، یا سلیمان فقد حال عندكم عن حالة و تغیر عنها و هذا مما لایوصف الله عزوجل به، فانقطع.

ثم قال الرضا علیه السلام: یا سلیمان أسألك مسألة، قال: سل جعلت فداك قال: أخبرنی عنك و عن أصحابك تكلمون الناس بما یفقهون و یعرفون أو بمالا یفقهون و لا یعرفون؟! قال: بما یفقهون و یعرفون، قال الرضا علیه السلام: فالذی یعلم الناس أن المرید غیر الارادة و أن المرید قبل الإرادة و أن الفاعل قبل المفعول، و هذا یبطل قولكم: إن الإرادة و المرید شی ء واحد، قال: جعلت فداك لیس ذلك منه علی ما یعرف الناس و لاعلی ما یفقهون، قال علیه السلام فأراكم ادعیتم علم ذلك بلا معرفة، و قلتم: الإرادة كالسمع و البصر إذا كان ذلك عندكم علی ما لایعرف و لایعقل، فلم یحرجوابا...». [1] .



[ صفحه 135]



و القبلیة قبلیة القیام بالمفعول كما قال قال العالم علیه السلام: «والمشیة فی المنشأ قبل عینه، و الإرادة فی المراد قبل قیامة» [2] .

و بعد ما قال المروزی: الإرادة منه تعالی مثل السمع و البصر و العلم سأله هل هی نفسه المتعالیة؟ قال: لا، فقال - علیه السلام - فلیست إذا مثل السمع و البصر و العلم إذیصح أن یقال سمع كله بصر كله علم كله و لایقال إرادة كله إلا أن یراد بها الاقتدار علی إیجاد ما أراد ثم غلط المروزی بقوله أراد نفسه، ورده علیه السلام بعدم المعنی المعقول؛ لأن ذلك لایخلو أن یرید تعالی ذاته أوكونه حیا أو سمیعا أو بصیرا و المروزی مرة قال نعم، و أخری لابالتناقض و من ثم ضحك الجمیع منه و أمر علیه السلام برفقه و ألزمه بلزوم التغیر فی الله جل جلاله المنفی عنه بقوله علیه السلام: «و هذا مما لایوصف الله عزوجل به، فانقطع».

ثم وجه علیه السلام سؤالا أفحمه فی الجواب

و حاصل السؤال: هل تكلم الناس أنت و أصحابك بما لایعرفون أو یعرفون فإن قلت بما یعرفون فالناس یفرقون بین المرید و الإرادة و أن المرید قبلها و الفاعل قبل المفعول و أین هذا من القول بالوحدة بینهما فهم علی خلاف ما أنت علیه و لتحقیق ذلك نقول:

إن الفعل هو صدور و حركة حاكیة عن الفاعل و علی حد اللفظ المروی العلوی: «الاسم ما أنبأ عن المسمی، و الفعل ما أنبأ عن حركة المسمی...». [3] فالفعل محكی كلمة الفاء و العین و اللام لیس إلا حركة صادرة عن شخص، و بما أن الله عزوجل مبرأ عن الأدوات و الآلات و كل ما یجری فی المخلوق كان ذلك منه إبداع و صنع «اذا أراد شیئا أن یقول له كن فیكون». [4] قال الرضا علیه السلام: «و كن منه صنع و ما یكون به المصنوع». [5] و له علیه السلام بیان حول الحروف المبدعة بالإبداع و هی مفعول بذلك الفعل و هی ثلاثة و ثلاثون حرفا إلی آخر ما هناك فراجع. [6] فالفعل مخلوق الله تعالی بقوله «كن فیكون»، و الفاعل هو تعالی ذاته المقدسة القدرة كله و العلم



[ صفحه 136]



كله و الحیاة كله السمیع البصیر القدیر المرید و لكن لاتكون الإرادة ذاته المتعالیة و لاصفة تعم المرید اسم من أسمائه الحسنی اسم فعل و تلك أسماء الذات و نعوته الجمالیة و الكل أسماء الكمال و من أجلها صح قسمة الاسم إلی اسم ذات و صفة و فعل یجمعها اسم الكمال الذی لایكون إلا بالجمال و الجلال.

و نعود إلی المناظرة

بعد ما أقر المروزی بأنه لایتكلم مع الناس هو و لاأصحابه إلا بما یعرفون أبطل مدعاه بما عند الناس من الفرق بین المرید و الإرادة و الفاعل و المفعول و أن كلا من ذلك قبل صاحبه لأن مدعاه یعود إلی أن الفاعل و المفعول شی ء واحد و المرید و الإرادة شی ء واحد كما أن السمیع و السمع و البصیر و البصر و القدیر و القدرة فی الله تعالی شی ء واحد

ثم إن المروزی رجع عن إقراره المتقدم إلی إنكار ما یعرفون و أنه علی خلافهم فی العقیدة فكر علیه السلام علیه ورده بأنه یقول ما لایعرف و لایعقل، و أنه یتفرد فی ذلك و هذا باطل فی العقول؛ لأن الحكم العقلی لایخص بمتكلم خراسان و بإنسان دون إنسان، و من هنا لم یحرجوابا لهذا الكلام الحاسم القاصم.

ثم قال الرضا علیه السلام: «یا سلیمان هل یعلم الله عزوجل جمیع ما فی الجنة و النار؟! قال سلیمان: نعم، قال: أفیكون ما علم الله عزوجل أنه یكون من ذلك؟! قال: نعم قال: فإذا كان حتی لایبقی منه شی ء إلا كان أیزیدهم أویطویه عنهم؟! قال سلیمان: بل یزیدهم، قال: فأراه فی قولك: قدزادهم ما لم یكن فی علمه أنه یكون...» [7] .

و للكلام تتمة مهمة لایتسع لها المقام فاطلبها من كلمة «أن الفعل كله محدث»، [8] و غیرها خاصة من كلمة «أرأیت ما أكل أهل الجنة و ما شربوا ألیس یخلف مكانه» [9] .



[ صفحه 137]




[1] التوحيد 446 - 445، عيون أخبار الرضا 147:1.

[2] التوحيد 334. كما أن فاء «كن فيكون» يس: 82. بيان رتبة الفاعل و المفعول تعرصنا إلي ذلك بتفصيل عند كلمة «أرأيت ما أكل أهل الجنة...» حرف الهمزة مع الراء.

[3] البحار 162:40.

[4] يس: 82.

[5] التوحيد 436، عيون أخبار الرضا 140:1.

[6] المصدران السابقان.

[7] التوحيد 446، عيون أخبار الرضا 148 - 147/1.

[8] حرف الهمزة مع النون.

[9] حرف الهمزة مع الراء.